د.ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
يظهر الإيرانيون العنف في خصومتهم وحتى في دبلوماسيتهم، و أثناء محاولة قراءة زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح لطهران في 22 نوفمبر 2009م، وجدنا تلبس الإيرانيون جانب ذلك الصلف في المحادثات مع ضيفهم الكويتي الذي حرص على أن يرافقه وفد وزاري كبير من قطاعات تنموية حساسة، وكأنه في زيارة لمحافظة كويتية بغية النهوض بالتنمية فيها. جرى خلال هذه الزيارة بحث العلاقات السياسية والاقتصادية والمياه والغاز والنفط والكهرباء والتجارة والاستثمار وتأسيس خطوط جوية مشتركة ومصرف مشترك والتسهيلات المقدمة بشأن تأشيرات الدخول بين البلدين. الصلف الإيراني كان في قاعات الاجتماعات اشد برودة من صالات الاستقبال فقد ذهبت قبلاتنا سدى ودفعنا الإيرانيون من فوق الجرف القاري .
لقد ذهبنا نشتكي الفقر في الغاز رغم وفرة النفط لدينا وكان أملنا أن نحصل على حقنا في حقل الدرة ذا الغاز الوفير والواقع شمال الخليج في الجرف القاري بين السعودية والكويت وإيران،خصوصا انه قد تم حل ما بيننا وبين السعودية من قضايا حول هذا الموضوع،حيث يضم الجرف حقول غاز تقدر احتياطياتها من الغاز بنحو 200 مليار متر مكعب،وهي كافية لتلبية الطلب الكويتي المتنامي للغاز لاستخدامه في توليد الكهرباء.
في فترة الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت كانت إيران تقف معنا بوجهها الصحيح وليس بوجه صاحب الإطماع والنفوذ في الخليج العربي، لقد اختلطت الأمور على أصدقائنا الإيرانيين فتم التعامل معنا في قضية الجرف القاري بنفس التعنت الذي يمارسونه مع الغرب، ومرد ضياعهم كوننا شركاء في هذا الجرف لا أعداء . وقد تم في هذه المحادثات من جانبهم تطبيق ركائز الدبلوماسية الإيرانية التي يمارسونها في قضية الطموح النووي الإيراني، فكانت هناك محاولات لكسب الوقت، وكانت هناك مناورات استخدمت فيها الأعذار بالأمور الفنية أو التسويف ككلمة واحدة تجمع كل ركائز الدبلوماسية الإيرانية، فقد أوضحت عدة مصادر إصرار إيران على الحد الأدنى من النقاش بشأن الجرف القاري مع الكويت متعللة بأنه يجب ان يكون هناك لجانا فنية تقوم بعملها في هذا الصدد وعليه لا يمكن التحدث في هذا الموضوع حاليا . الا انه تم الاتفاق على عقد اللجنة المشتركة خلال الربع الأول من العام المقبل من دون وضع موعد محدد كمخرج إيراني لبق لإغلاق المحادثات .
وهنا نشير إلى أن جمهورية إيران الإسلامية الجارة قد قامت بتهيئة وحرث حقول من الخلافات مع كل دول الخليج العربي فيما يخص ملف الغاز فقط ،وهي بصدد وضع البذور فيه، ولعل تملصها من حل خلاف الجرف القاري مع الكويت يعود إلى عدم رغبتها في حل الخلافات مع دول الخليج الأخرى التي تشمل ملف حقل فارس الجنوبي مع قطر وملف حقل الدرة مع الكويت ومع السعودية و ملف نزاع صفقة الغاز بين الإمارات وإيران، منذ توقيع عقدها في 2001 م لمدة 25 عاماً دون أن تصل إلى الإمارات شحنة غاز واحدة . لكن هذا الصلف الإيراني أعطي -وللأسف- نتائج باهرة فقد فشلت مساعينا ونجحت إيران في استثمار قبولنا بتأجيل حل مشكلة الجرف القاري، وتحت إلحاح الحاجة وقعت الكويت وإيران اتفاقية لتصدير 4 مليارات متر مكعب من الغاز من حقل فارس الجنوبي إلى الكويت. لقد كانت هجمة الود الكويتية على طهران غامرة لدرجة أن تطلب إيران من الكويت أن تقوم بوساطة من أجل حل الخلاف السعودي الإيراني بعد الاتهامات السعودية لإيران بدعمها العمليات التي تقوم بها ميليشيات الحوثيين في اليمن. ولولا الصلف الإيراني كما توقع عدة مراقبين لشملت هجمة الود الكويتية على طهران قيام رئيس مجلس الوزراء الكويتي سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الجابر الصباح بدعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لحضور قمة مجلس التعاون 30 المزمع عقدها في الكويت في منتصف هذا الشهر بالضبط كما جرى حين حضر القمة الثامنة والعشرين في الدوحة عام2007م .